هذا هو أسبوع القاعدة بامتياز، ليس لأنها قامت بتنفيذ عمليات جديدة، أو لأنها أعلنت تشكيلات جديدة لقياداتها، وإنما لأن كبار أدمغتها "أسامة بن لادن"، و"أيمن الظواهري" طلا على الجماهير بثلاثة تسجيلات صوتية جديدة في خمسة أيام فقط.
"إذا كانت حرية أقوالكم لا ضابط لها فلتتسع صدوركم لحرية أفعالنا"، بهذه الجملة التي فيها من البلاغة اللفظية الكثير، خاطب "بن لادن" في آخر تسجيل صوتي المجتمعات الأوربية بعد تكرر نشر الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، لكن هل معنى هذا أن موعد التنفيذ قد حان؟
في الأغلب الأعم لا، كثيرون يعتقدون أن القاعدة التي يتبعها تنظيم القاعدة في تنفيذ عملياته هي "التوقيت المفاجئ"، بمعنى ألا تتم الإشارة بمثل هذه الصورة المباشرة التي ظهرت في التسجيل الصوتي إلى قرب تنفيذ عملية ما، فقط التسجيلات الصوتية تشير إلى وجود نية إلى ذلك، وهو أمر كفيل بأن تتوتر كل الأجهزة الأمنية في أوربا وأن تصبح على أهبة الاستعداد.. وفي هذا أمر ربما يرضي "بن لادن" على الأقل في هذه المرحلة.
بفارق يومين فقط، خرج "بن لادن" على متابعيه بتسجيلين صوتيين دفعة واحدة، بعد غياب دام لشهور عدة، التسجيل الأول كان المختص بوجهة نظر القاعدة فيما يتعلق بالرسوم المسيئة، وتلك هي وجهة النظر المتشددة المعتادة التي ذهبت -على لسان بن لادن- للإشارة إلى تورط "الفاتيكان" في مثل هذه الأفعال، الأمر الذي نفاه الفاتيكان على الفور بطبيعة الحال، فيما لم يفت على البعض الإشارة في نفس الوقت إلى قيام "بينديكت السادس عشر" بابا الفاتيكان -بعد بث شريط بن لادن بعدة أيام- بتعميد صحفي إيطالي من أصل مصري "مجدي علام" أعلن تحوله من الإسلام إلى المسيحية مؤخراً، وهو ما اعتبروه تصرفاً غير ذكي واختياراً غير مناسب لمثل هذه الأفعال التي تصب الزيت على النار في وقت شديد الحساسية بالأساس.
التسجيل الثاني لـ"بن لادن" كان في مناسبته السنوية المفضلة، ذكرى الغزو الأمريكي للعراق، وهذه المرة ربط بين الاحتلالين الإسرائيلي والأمريكي، داعياً إلى الانضمام لصفوف ما أسماهم بـ"المجاهدين" في العراق، مشيراً إلى أن طريق تحرير فلسطين يبدأ من العراق، في نفس الوقت الذي هاجم فيه استخدام بعض من الفلسطينيين للمفاوضات مع إسرائيل، وهو أمر يعني دعوته إلى أن يترك الفلسطينيون السلاحين معاً "المقاومة- التفاوض" ضد الإسرائيليين على أن ينقلوا نشاطهم "الجهادي" إلى العراق!